According to our belief Prophet PBUH is the greatest creation of Allah. Is it correct to say that no creation, not even in the future can ever match the honor, station and superiority of the Prophet PBUH. Similarly, Insaan is honored as the greatest creation of Allah. Can another creation ever supersede Insaan in this honor? Please clarify this confusion. Your prompt response would be much appreciated. JazakAllah.
In the Name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful.
As-salāmu ‘alaykum wa-rahmatullāhi wa-barakātuh.
1) Rasulullah (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam) is the greatest creation of Allah and no one will ever be able to match Rasulullah (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam) in honour. [1] In fact, the greatness and honour of Rasulullah (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam) will be clearly manifested on the day of Qiyamah in many ways.
Consider the following Ahādith:
Hadhrat Abu Hurayrah (Radhiallahu Ta’ala ‘Anhu) narrated, Rasulullah (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam) said:
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع.
Translation: “I will be the leader of the sons of Adam on the Day of Resurrection, and the first one for whom the grave is opened, and the first one to intercede and the first one whose intercession will be accepted.” (Saheeh Muslim). [2]
Hadhrat Anas (Radhiallahu Ta’ala ‘Anhu) narrated, Rasulullah (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam) said:
أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة.
Translation: Amongst the apostles I would have the largest following on the Day of Judgment, and I would be the first to knock at the door of Paradise. (Saheeh Muslim). [3] [4]
2) Insaan (human beings) are the most noble creation. [5]
Allah Ta’ala says in the Holy Quran:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ…
Translation: And verily We have honoured the Children of Adam… (Surah Isra’: 70). [6]
If a human being is obedient to Allah, he supercedes even angels in honour and status. [7] [8]
And Allah Ta’āla Knows Best
Rabiul Islam
Student Darul Iftaa
Detroit, Michigan, USA
Checked and Approved by,
Mufti Ebrahim Desai.
[1] شرح مُلاّ علي القاري (المتوفى: سنة 1014هـ) علي الفقه الأكبر (م: قديمي كتب خانه – آرام باغ – كراتشي، باكستان) للإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رحمه الله (المتوفى: سنة 150هـ)
تفضيل بعض الأنبياء علي بعض:
والمعتقد المعتمد أن أفضل الخلق نبينا حبيب الحق، وقد ادعي بعضهم الإجماع علي ذالك، فقد قَالَ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَعَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، وفي حديث مسلم والترمذي عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، الخ
سنن الدارمي (1/ 194-193 م: دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام بن عبد الصمد الدارمي، التميمي السمرقندي (المتوفى: 255هـ)
المقدمة: (بَابُ مَا أُعْطِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَضْلِ):
47 – أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنبأَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَعَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَ فَضَّلَهُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 29]، الْآيَةَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] قَالُوا فَمَا فَضْلُهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام؟ قَالَ قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، الْآيَةَ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28] فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
[تعليق المحقق] إسناده صحيح.
كذا في المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 381 م: دار الكتب العلمية – بيروت) أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)
كِتَابُ التَّفْسِيرِ. (تَفْسِيرُ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ):
رقم الحديث: 3335 إلي آخر الحديث… «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ» فَإِنَّ الْحَكَمَ بْنَ أَبَانَ قَدِ احْتَجَّ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ ” [التعليق – من تلخيص الذهبي] 3335 – صحيح.
Hadhrat Maulana Khaleel Ahmed Saharanpuri (Rahmatullahi ‘Alaihi) writes in his book “Al Muhannad Alal Mufannad” (Based upon the creed of Ulama Deoband):
- Our belief and the belief of our elders is that our chief, our master, our beloved and our intercessor, Muhammad, the Messenger of Allah (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam), is the best of all creatures and the best of them in the presence of Allah (Subhanahu Wa Ta’ala).
- None is comparable to him, rather none come close to him (Sallallahu ‘Alaihi Wa Salllam) in proximity to Allah Ta’ala and the elevation of his rank in His presence.
- He is the chief of the Prophets and Messengers and the seal of the purified and the Prophets as established in the texts.
This is what we believe and acquiesce to Allah (Exalted is He). Our elders have expressed this in more than one book.
See page: 45. Question number 15. from the above link.
لوامع الأنوار البهية (2/ 298-294 م: مؤسسة الخافقين ومكتبتها – دمشق) شمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (المتوفى: 1188هـ)
الْبَابُ الْخَامِسُ ذِكْرِ سيدنا مُحَمَّدٍ وبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَفَضْلِهِ وَفَضْلِ أَصْحَابِهِ وَأُمَّتِهِ. فَصْلٌ فِي ذِكْرِ فَضِيلَةِ نَبِيِّنَا وَأُولِي الْعَزْمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ.
أفضل العالم الرسول صلى الله عليه وسلم:
(فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ فَضِيلَةِ نَبِيِّنَا وَأُولِي الْعَزْمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ – صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -:
((وَأَفْضَلُ الْعَالَمِ مِنْ غَيْرِ امْتِرَا … نَبِيُّنَا الْمَبْعُوثُ فِي أُمِّ الْقُرَى))
((وَأَفْضَلُ الْعَالَمِ)) الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِنْ مَلَكٍ وَبَشَرٍ وَجِنٍّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي سَائِرِ خِلَالِ الْخَيْرِ وَخِصَالِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْمَكَارِمِ وَالْجِمَالِ، ((مِنْ غَيْرِ امْتِرَا)) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا رَيْبٍ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْعَالَمُ الْخَلْقُ كُلُّهُ أَوْ مَا حَوَاهُ بَطْنُ الْفَلَكِ، ((نَبِيُّنَا)) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْعَالَمِ مُحَمَّدٌ ((الْمَبْعُوثُ)) رَسُولًا لِكَافَّةِ النَّاسِ بَلْ لِلثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ قِيلَ: وَالْمَلَائِكَةُ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ، ((فِي أُمِّ الْقُرَى)) مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ وَبَكَّةُ الْمُعَظَّمَةُ قَالَ تَعَالَى: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} [الشورى: 7] يَعْنِي مَكَّةَ…
وَإِنَّمَا كَانَ أَفْضَلَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَيَّدَهُ بِأَبْهَرِ الْمُعْجِزَاتِ وَأَظْهَرِ الدَّلَالَاتِ وَأَشْهَرِ الْمُكَرَّمَاتِ، فَمُعْجِزَاتُهُ أَشْهَرُ الْمُعْجِزَاتِ وَأَبْهَرُهَا، وَأُمَّتُهُ أَزْكَى الْأُمَمِ وَأَطْهَرُهَا، وَشَرِيعَتُهُ أَتَمُّ الشَّرَائِعِ وَأَشْهَرُهَا، وَصِفَاتُهُ أَكْمَلُ الصِّفَاتِ وَأَشْرَفُهَا، وَأَخْلَاقُهُ أَحْسَنُ الْأَخْلَاقِ وَأَعْرَفُهَا وَأَوْسَعُهَا، وَشِيَمُهُ أَعْلَى الشِّيَمِ وَأَنْفَعُهَا.
وَمِنْ عِظَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ نَبِيِّنَا وَفَضْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ – صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ:
أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ، وَفِي شَرْعِهِ إِنَّمَا تَنْعَقِدُ الْأَيْمَانُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ لَا بِدُونِ ذَلِكَ، قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ: أَقْسَمَ الْحَقُّ عَزَّ وَجَلَّ – بِحَيَاتِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ الْقَسَمُ بِالْمُعَظَّمِ وَبِالْمَحْبُوبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ نَفْسًا هِيَ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَمَا سَمِعْتُهُ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ فَقَالَ {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَأَعْظَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41] قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10] وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي الَّتِي هِيَ لِلْمِلْكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُ تَعَالَى وَبَيْنَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَاسِطَةً بَلْ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ – وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1 – 2] الْمَعْنَى أُقْسِمُ بِكَ لَا بِالْبَلَدِ فَإِنْ أَقْسَمْتُ بِالْبَلَدِ فَلِأَنَّكَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَا مُوسَى اخْلَعْ نَعْلَيْكَ وَلَا تَجِئْ إِلَّا مَاشِيًا، يَا مُحَمَّدُ ارْكَبِ الْبُرَاقَ وَلَا تَجِئْ إِلَّا رَاكِبًا.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – مَرْفُوعًا: ” «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ: أَتَدْرِي كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ” إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي» “. وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: يُرِيدُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَالتَّشَهُّدَ وَالْخُطْبَةَ عَلَى الْمَنَابِرِ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا عَبَدَ اللَّهَ وَصَدَّقَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ وَكَانَ كَافِرًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَيْسَ خَطِيبٌ وَلَا مُتَشَهِّدٌ وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ وَلَا أَذَانٍ إِلَّا يُنَادِي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ،
وَفِيهِ يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
أَغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ … مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ وَيَشْهَدُ
وَضَمَّ الْإِلَهُ اسْمَ النَّبِيِّ إِلَى اسْمِهِ … إِذَا قَالَ فِي الْخَمْسِ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ
وَشَقَّ لَهُ مِنْ إِسْمِهِ لِيُجِلَّهُ … فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
وَمِنْ مَزَايَاهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ – عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – أَنَّهُ تَعَالَى دَعَاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ} [مريم: 56]، {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} [هود: 48]، {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [هود: 76]، {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} [الأعراف: 144]، {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً} [ص: 26]، {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي} [المائدة: 110]، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ} [مريم: 7]، {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12]، وَدَعَا نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالتَّعْظِيمِ وَالتَّفْخِيمِ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} [الأنفال: 64]، {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: 41] وَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَهُ قَرَنَهُ بِذِكْرِ الرِّسَالَةِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144]، {مُحَمَّدٌ رَسُولٌ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29]، {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} [محمد: 2]، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 40]، وَلَمَّا ذَكَرَ الْخَلِيلَ وَسَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرَ الْخَلِيلَ بِاسْمِهِ وَذَكَرَهُ بِاللَّقَبِ فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران: 68] . وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ – عَلَيْهِمُ السَّلَامُ – يُجَادِلُونَ أُمَمَهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ كَقَوْلِ نُوحٍ: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالَ} [الأعراف: 60] فَقَالَ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ: لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ، وَقَالَ قَوْمُ هُودٍ: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} [الأعراف: 66]، فَقَالَ: {لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ} [الأعراف: 67]، وَقَالَ فِرْعَوْنُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا، فَقَالَ مُوسَى: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا أَيْ مَصْرُوفًا عَنِ الْحَقِّ مَطْبُوعًا عَلَى قَلْبِكَ، وَأَمَّا نَبِيُّنَا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَتَوَلَّى الْحَقُّ سُبْحَانَهُ الْمُجَادَلَةَ عَنْهُ فَلَمَّا قَالُوا: هَذَا شَاعِرٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69]، وَلَمَّا قَالُوا: كَاهِنٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا هُوَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ)، وَقَالُوا: ضَلَّ. فَقَالَ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2]، وَقَالُوا: مَجْنُونٌ. فَقَالَ: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] حَتَّى قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63].
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَعْلَمَهُمُ اللَّهُ فَضْلَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى سَائِرِ الْبَرِيَّةِ فِي الْمُخَاطَبَةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفَخِّمُوهُ وَيُشَرِّفُوهُ، وَلَا يَقُولُوا لَهُ عِنْدَ دُعَائِهِ يَا مُحَمَّدُ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا يَدْعُونَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، بَلْ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فِي لِينٍ وَتَوَاضُعٍ وَخَفْضٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ} [النور: 63] الْآيَةَ، قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ إِعْظَامًا لِنَبِيِّهِ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ نَحْوُهُ، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُخَاطِبُونَ أَنْبِيَاءَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ.
وَفَضَائِلُهُ وَمَزَايَاهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ فَهُوَ أَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ: ” «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ» “. وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ» “. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَرَادَ لَا أَتَبَجَّحُ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ لَكِنْ أَقُولُهَا شُكْرًا وَمُنَبِّهًا عَلَى إِنْعَامِ رَبِّي عَلَيَّ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ” «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَنِي» “.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ «قَالَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِمَنْ قَالَ لَهُ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ: ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ» ، وَقَالَ: «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى» . وَقَالَ: «لَا تُفَاضِلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» . وَقَالَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى»،
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَلَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ أَخْبَرَ بِهِ، وَإِمَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَتَأَدُّبًا وَاحْتِرَامًا لِخُلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ – وَإِمَّا أَنَّهُ أَرَادَ بَرِيَّةَ عَصْرِ إِبْرَاهِيمَ، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ، أَوْ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالْفِتْنَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ وُرُودِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، أَوْ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّفْضِيلِ فِي النُّبُوَّةِ نَفْسِهَا، وَذَلِكَ قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا بَلْ فِي خَصَائِصِهَا وَتَوَابِعِهَا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَرَدَ النَّصُّ بِتَفْضِيلِ بَعْضِ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِتَفْضِيلِ اللَّهِ لَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، مَعَ مُرَاعَاتِهِ لِعُلُوِّ مَرَاتِبِهِمُ الْبَاذِخَةِ وَجَلَالَةِ مَنَاصِبِهِمُ الشَّامِخَةِ، ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَأَفْضَلُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَمَرَ بِتَبْلِيغِ ذَلِكَ فَبَلَّغَهُ كَمَا أُمِرَ، لِأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ حَقٌّ لَازِمٌ وَفَرْضٌ جَازِمٌ مَعَ مُجَانَبَةِ التَّفْضِيلِ الْمُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ، وَمُرَاعَاةِ عُلُوِّ تِلْكَ الْمَرَاتِبِ الَّتِي لَا تُدْرِكُ كُنْهَ حَقَائِقِهَا أَكْثَرُ الْعُقُولِ، فَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى أَفْضَلُ الْخَلْقِ جَمِيعًا بِلَا خَفَاءٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
[2] صحيح مسلم (4/ 1782 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت)
43 – كتاب الفضائل. 2 – باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق:
3 – (2278) حدثني الحكم بن موسى أبو صالح، حدثنا هقل يعني ابن زياد، عن الأوزاعي، حدثني أبو عمار، حدثني عبد الله بن فروخ، حدثني أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع»
شرح النووي على مسلم (15/ 37 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
(بَاب تَفْضِيلِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[2278] (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) قَالَ الْهَرَوِيُّ السَّيِّدُ هُوَ الَّذِي يَفُوقُ قَوْمَهُ فِي الْخَيْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الَّذِي يُفْزَعُ إِلَيْهِ فِي النَّوَائِبِ وَالشَّدَائِدِ فَيَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مَكَارِهَهُمْ وَيَدْفَعُهَا عَنْهُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ أَنَّهُ سَيِّدُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَسَبَبُ التَّقْيِيدِ أَنَّ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَظْهَرُ سؤدده لكل أحد ولا يبقى مناع وَلَا مُعَانِدٌ وَنَحْوُهُ بِخِلَافِ الدُّنْيَا فَقَدْ نَازَعَهُ ذَلِكَ فِيهَا مُلُوكُ الْكُفَّارِ وَزُعَمَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَهَذَا التَّقْيِيدُ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ مَعَ أَنَّ الْمُلْكَ لَهُ سُبْحَانَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَكِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَنْ يَدَّعِي الْمُلْكَ أَوْ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مَجَازًا فَانْقَطَعَ كُلُّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ لَمْ يَقُلْهُ فَخْرًا بَلْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْفَخْرِ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَإِنَّمَا قَالَهُ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا امْتِثَالُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ ربك فحدث وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنَ الْبَيَانِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُ إِلَى أُمَّتِهِ لِيَعْرِفُوهُ وَيَعْتَقِدُوهُ وَيَعْمَلُوا بِمُقْتَضَاهُ وَيُوَقِّرُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا تَقْتَضِي مَرْتَبَتُهُ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِتَفْضِيلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ لِأَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْآدَمِيِّينَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْآدَمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ فَجَوَابُهُ مِنْ خمسة أوجه أحدهما أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فَلَمَّا عَلِمَ أَخْبَرَ بِهِ وَالثَّانِي قَالَهُ أَدَبًا وَتَوَاضُعًا وَالثَّالِثُ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ وَالرَّابِعُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالْفِتْنَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ الْحَدِيثِ وَالْخَامِسُ أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِالتَّفْضِيلِ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ فَلَا تَفَاضُلَ فِيهَا وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بِالْخَصَائِصِ وَفَضَائِلَ أُخْرَى وَلَا بُدَّ مِنَ اعْتِقَادِ التَّفْضِيلِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بعضهم على بعض قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) إِنَّمَا ذَكَرَ الثَّانِي لِأَنَّهُ قَدْ يَشْفَعُ اثْنَانِ فَيَشْفَعُ الثَّانِي مِنْهُمَا قَبْلَ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
صحيح مسلم (1/ 184 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت)
1 – كتاب الإيمان. 84 – باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها:
327 – (194) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، واتفقا في سياق الحديث إلا ما يزيد أحدهما من الحرف بعد الحرف قالا: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا أبو حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه فنهس منها نهسة فقال: ” أنا سيد الناس يوم القيامة… ” الحديث.
سنن الترمذي ت بشار (6/ 14 م: دار الغرب الإسلامي – بيروت)
46 – أَبْوَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1 – بَابٌ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
3615 – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلاَ فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلاَّ تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلاَ فَخْرَ.
وَفِي الحَدِيثِ قِصَّةٌ. وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 3685)
5761 – وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ. وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي؟ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
•———————————•
5761 – (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» ) ، أَيْ وَلَا أَقُولُهُ تَفَاخُرًا بَلِ اعْتِدَادًا بِفَضْلِهِ، وَتَحَدُّثًا بِنِعْمَتِهِ، وَتَبْلِيغًا لِمَا أُمِرْتُ بِهِ، وَقِيلَ: لَا أَفْتَخِرُ بِذَلِكَ، بَلْ فَخْرِي بِمَنْ أَعْطَانِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ، أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَلَا فَخْرَ فِي هَذِهِ السِّيَادَةِ، بَلْ أَفْتَخِرُ بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَالْعِبَادَةِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْحُسْنَى وَالزِّيَادَةَ. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: وَلَا فَخْرَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ أَيْ: أَقُولُ هَذَا وَلَا فَخْرَ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْفَخْرُ ادِّعَاءُ الْعَظَمَةِ وَالْمُبَاهَاةِ بِالْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْإِنْسَانِ كَالْمَالِ وَالْجَاهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَالَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ مِنَ الْبَيَانِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُ إِلَى أُمَّتِهِ لِيَعْرِفُوهُ وَيَعْتَقِدُوهُ، وَيَعْمَلُوا بِمُقْتَضَاهُ فِي تَوْفِيرِهِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
قَالَ الرَّاغِبُ، فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ اسْتُحْسِنَ مَدْحُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ، وَقَدْ عُلِمَ فِي الشَّاهِدِ اسْتِقْبَاحُهُ حَتَّى قِيلَ لِلْحَكِيمِ: مَا الَّذِي لَا يَحْسُنُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا؟ قَالَ: مَدْحُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ. قُلْنَا: قَدْ يَحْسُنُ ذَلِكَ عِنْدَ تَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ عَلَى مَا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَالِهِ كَقَوْلِ الْمُعَلِّمِ لِلْمُتَعَلِّمِ: اسْمَعْ مِنِّي لَا تَجِدُ مِثْلِي، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]
وَسُئِلَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْبُحْ إِطْلَاقُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَأَنْشَدَ: وَيَقْبُحُ مِنْ سِوَاكَ الشَّيْءُ عِنْدِي وَتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذَاكَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي الْإِحْيَاءِ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمَدْحُ هُوَ الذَّبْحُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَذْبُوحَ هُوَ الَّذِي يَفْتُرُ عَنِ الْعَمَلِ، فَكَذَلِكَ الْمَمْدُوحُ، لِأَنَّ الْمَدْحَ يُوجِبُ الْفُتُورَ وَيُورِثُ الْكِبْرَ وَالْعُجْبَ، وَهُوَ لِذَلِكَ مُهْلِكٌ كَالذَّبْحِ، فَإِنْ سَلِمَ الْمَدْحُ عَنْ هَذِهِ الْآفَاتِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ، وَلِذَلِكَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى الصَّحَابَةِ، وَكَانُوا أَجَلَّ رُتْبَةً مِنْ أَنْ يُورِثَهُمْ ذَلِكَ كِبْرًا أَوْ عُجْبًا، بَلْ يَزِيدُهُمْ جِدًّا، يَبْعَثُهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِيمَا يَسْتَوْجِبُونَ الْحَمْدَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. وَنَظِيرُهُ الْعَالِمُ أَوِ الشَّيْخُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ، أَوْ مُرِيدُهُ الْقَابِلُ الْعَاقِلُ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِزِيَادَةِ رَغْبَتِهِمَا فِي الْمُجَاهَدَةِ وَتَحْصِيلِ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ، نَعَمْ يَقَعُ نَادِرًا بِمَنْ يَكُونُ فِيهِ الْبَلَادَةُ حَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ الْفُتُورُ الْمُؤَدِّي إِلَى مَقَامِ الْقُصُورِ، فَيَتَوَقَّفُ عَنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَالنُّقْصَانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، وَقَدْ قِيلَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي زِيَادَةٍ، فَهُوَ فِي نُقْصَانٍ، وَمَنِ اسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونُ زَمَانِهِ، فَفِي الْحَدِيثِ (مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ) وَقَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّي زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]
وَفِي النِّهَايَةِ قَالَهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِخْبَارًا عَمَّا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْفَضْلِ وَالسُّؤْدُدِ، وَتَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُ، وَإِعْلَامًا مِنْهُ، لِيَكُونَ إِيمَانُهُمْ بِهِ عَلَى حَسْبِهِ وَمُوجِبِهِ وَلِهَذَا أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا فَخْرَ) أَيْ: أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ الَّتِي نِلْتُهَا كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ أَنَلْهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي، وَلَا نِلْتُهَا بِقُوَّتِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أَفْتَخِرَ بِهَا، (وَبِيَدِي) أَيْ: بِتَصَرُّفِي وَعِنْدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ (لِوَاءُ الْحَمْدِ) : اللِّوَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ الْعَلَمُ، وَفِي الْعَرَصَاتِ مَقَامَاتٌ لِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ يُنْصَبُ فِي كُلِّ مَقَامٍ لِكُلِّ مَتْبُوعٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ لَهُ، قُدْوَةَ حَقٍّ كَانَ أَوْ أُسْوَةَ بَاطِلٍ، وَأَعْلَى تِلْكَ الْمَقَامَاتِ مَقَامُ الْحَمْدِ، فَفِي النِّهَايَةِ: اللِّوَاءُ الرَّايَةُ، وَلَا يُمْسِكُهَا إِلَّا صَاحِبُ الْجَيْشِ، يُرِيدُ بِهِ انْفِرَادَهُ بِالْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَشُهْرَتَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، فَوَضَعَ اللِّوَاءَ مَوْضِعَ الشُّهْرَةِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: فَعَلَى هَذَا لِوَاءُ الْحَمْدِ عِبَارَةٌ عَنِ الشُّهْرَةِ، وَانْفِرَادِهِ بِالْحَمْدِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِحَمْدِهِ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقِيقَةً يُسَمَّى لِوَاءَ الْحَمْدِ، وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيُّ حَيْثُ قَالَ: لَا مَقَامَ مِنْ مَقَامَاتِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَرْفَعُ وَأَعْلَى مِنْ مَقَامِ الْحَمْدِ وَدُونَهُ يَنْتَهِي سَائِرُ الْمَقَامَاتِ، وَلَمَّا كَانَ نَبِيُّنَا سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ أَحْمَدَ الْخَلَائِقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أُعْطِيَ لِوَاءَ الْحَمْدِ لِيَأْوِيَ إِلَى لِوَائِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي» ) وَلِهَذَا الْمَعْنَى افْتُتِحَ كِتَابُهُ بِالْحَمْدِ وَاشْتُقَّ اسْمُهُ مِنَ الْحَمْدِ، فَقِيلَ: مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ، وَأُقِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ، وَيُفْتَحُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مِنَ الْمَحَامِدِ مَا لَمْ يُفْتَحْ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلَا يُفْتَحُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَأَمَدَّ أُمَّتَهُ بِبَرَكَتِهِ مِنَ الْفَضْلِ الَّذِي آتَاهُ، فَنَعَتَ أُمَّتَهُ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ بِهَذَا النَّعْتِ فَقَالَ: أَمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا فَخْرَ، فَإِنَّ مَرْتَبَةَ الْقُرْبِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ اللِّقَاءُ النَّاشِئُ عَنْ تَمَامِ الرِّضَا، وَالْفَنَاءِ بِالْبَقَاءِ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ لِخُلُوصِ التَّوَجُّهِ إِلَى الْمَوْلَى وَنِسْيَانِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْوَرَى.
سنن الترمذي ت بشار (6/ 8-7 م: دار الغرب الإسلامي – بيروت)
46 – أَبْوَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1 – بَابٌ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
3607 – حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى البَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ قُرَيْشًا جَلَسُوا فَتَذَاكَرُوا أَحْسَابَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَجَعَلُوا مَثَلَكَ كَمَثَلِ نَخْلَةٍ فِي كَبْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ مِنْ خَيْرِ فِرَقِهِمْ وَخَيْرِ الفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ تَخَيَّرَ القَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ قَبِيلَةٍ، ثُمَّ تَخَيَّرَ البُيُوتَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ بُيُوتِهِمْ، فَأَنَا خَيْرُهُمْ نَفْسًا، وَخَيْرُهُمْ بَيْتًا.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الحَارِثِ هُوَ: ابْنُ نَوْفَلٍ.
3608 – حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، قَالَ: جَاءَ العَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ سَمِعَ شَيْئًا فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْكَ السَّلاَمُ. قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا وَخَيْرِهِمْ نَفْسًا.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
سنن الترمذي ت بشار (6/ 15 م: دار الغرب الإسلامي – بيروت)
46 – أَبْوَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1 – بَابٌ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
3616 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَلَسَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَهُ قَالَ: فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُمْ سَمِعَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ فَسَمِعَ حَدِيثَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَجَبًا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَ مِنْ خَلْقِهِ خَلِيلاً، اتَّخَذَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَقَالَ آخَرُ: مَاذَا بِأَعْجَبَ مِنْ كَلاَمِ مُوسَى كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، وَقَالَ آخَرُ: فَعِيسَى كَلِمَةُ اللهِ وَرُوحُهُ، وَقَالَ آخَرُ: آدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ، وَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ كَلاَمَكُمْ وَعَجَبَكُمْ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمُوسَى نَجِيُّ اللهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِيسَى رُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَآدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، أَلاَ وَأَنَا حَبِيبُ اللهِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الحَمْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَلاَ فَخْرَ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
[3] صحيح مسلم (1/ 188 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت)
1 – كتاب الإيمان. 85 – باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا»:
330 – (196) حدثنا قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، قال قتيبة: حدثنا جرير، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا»
331 – (196) وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن مختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة»
333 – (197) وحدثني عمرو الناقد، وزهير بن حرب، قالا: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك “
[4] شرح العقائد النسفية (ص: 329 م: مكتبة البشرى كراتشي، باكستان) للعلّامة سعد الدين التفتازاني مسعود بن عمر (متوفي 712 – 793هـ)
(نبينا محمد صلي الله عليه وسلم أفضل الأنبياء):
وأفضل الأنبياء محمد صلي الله عليه وسلم؛ لقوله تعالي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] الآية، ولا شك أن خيرية الأمة بحسب كمالهم في الدين، وذالك تابع لكمال نبيهم الذي يتبعونه،
https://ia600304.us.archive.org/12/items/DarjaAlSadisa6thYear/SharhUlAqaidUnNasafiyah-AlBushra.pdf
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 2585 م: دار الفكر، بيروت – لبنان) علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ)
كِتَابُ الْجِهَادِ. بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَالْغُلُولِ فِيهَا:
الْفَصْلُ الثَّانِي:
4001 – عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” «إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ قَالَ فَضَّلَ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ» “. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
•———————————•
الْفَصْلُ الثانِي:
4001 – (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ “) أَيْ: سَائِرِهِمْ، وَمِنْهُمُ الرُّسُلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» “. (أَوْ قَالَ فَضَّلَ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ “) : لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُمْ خَيْرَ الرُّسُلِ، وَقَدْ يُقَالُ: خَيْرِيَّةُ أُمَّتِهِ إِنَّمَا هِيَ لِخَيْرِيَّةِ رَسُولِهِمْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحِبُ الْبُرْدَةِ:
لَمَّا دَعَا اللَّهُ دَاعِيَنَا لِدَعْوَتِهِ … بِأَفْضَلِ الرُّسُلِ كُنَّا أَفْضَلَ الْأُمَمِ…
سنن الترمذي ت بشار (3/ 175 م: دار الغرب الإسلامي – بيروت)
19 – أَبْوَابُ السِّيَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5 – بَابُ مَا جَاءَ فِي الغَنِيمَةِ:
1553 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ، أَوْ قَالَ: أُمَّتِي عَلَى الأُمَمِ، وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ.
وَفِي البَاب عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَسَيَّارٌ هَذَا يُقَالُ لَهُ سَيَّارٌ مَوْلَى بَنِي مُعَاوِيَةَ وَرَوَى عَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بَحِيرٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ العَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[5] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (12/ 3718 م: مكتبة نزار مصطفى الباز (مكة المكرمة – الرياض) شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي (743هـ)
كتاب الفضائل والشمائل. (4) باب المبعث وبدء الوحي:
{خلق الإنسان} إيذانًا بأن الإنسان أشرف المخلوقات…
كذا في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 60 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ)
في المقدمة…
شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 366 م: المطبعة الكبرى الأميرية، مصر) أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبو العباس، شهاب الدين (المتوفى: 923هـ)
97 – كتاب التوحيد. 6 – باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2]
قال في الكشاف، فإن قلت: هلا اكتفى بإظهار المضاف إليه مرة واحدة؟ قلت: لأن عطف البيان للبيان فكان مظنّة للإظهار فلهذا كرر لفظ الناس، لأن عطف البيان يحتاج إلى مزيد الإظهار ولأن التكرير يقتضي مزيد شرف الناس وأنهم أشرف المخلوقات.
الأجوبة الكافية عن الأسئلة الشامية (ص: 81-79 م: مطبعة السعادة بمصر) محمد بن يوسف بن محمد بن سعد الحيدري التونسي الكافي المالكي (المتوفى: 1380هـ)
وأن نوع بني آدم (1) أشرف المخلوقات لا نزاع فيه بين المؤمنين باعتبار الهيئة الخلقية، وكذا باعتبار الرتبة والمزية إلا من شذ وقال بتفضيل الملائكة على البشر، والدليل للجمهور الحديث الذي أخرجه أبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق السماوات سبعا فاختار العليا منها فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب واختار من العرب مضر واختار من مضر قريشا واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم فأنا خيار الأخيار، وآية {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} واردة على امتنان خاص ببني آدم وهو أن أكلهم وشربهم يتناولونه بأيديهم بخلاف كثير من الخلق فإنهم يتناولونه بأفواههم كالبهائم، ولا تدل على أن هناك من هو أفضل من بني آدم، وقد قدمنا أن هذا الكتاب يكتب كيفما اتفق له من غير تدبر، وذلك دليل على أنه لم يتعاط العلم على أهله ولا أخذ بحظ يعتبر، بل أخذ شيئا سطحيا وسبح في شاطئ بحره، ولم يغص على اللآلئ في لججه، بل قنع بالاسم دون المسمى وذلك من الدواهي على الدين العظمى، ويشهد لما ذكرته أيضا ما أخرجه الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان، والخطيب في تاريخه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من شيء أكرم على الله من بنى آدم يوم القيامة، قيل: يا رسول الله ولا الملائكة المقربون؟ قال: ولا الملائكة، الملائكة مجبورون كالشمس والقمر.
_________
(1) قوله أشرف … إلخ، قد تقدم الكلام في هذه المسألة عن القطب الدباغ من حيثية شرف خلقة الآدمي عما عداها من جميع المخلوقات ويزاد على ذلك هنا أما باعتبار الصورة الخلقية وما انطوت عليه هذه الهيئة التركيبية من اللطائف والحكم التي لم يشتمل عليها واحد من البرية فأقوال العلماء في ذلك لا تُحصى ولا تكاد تستقصى وقال أبو محمد ماجد الكردي ما خلق الله من عجيبة إلا ونقشها في صورة الآدمي ولا أوجد أمرا غريبا إلا وسطه فيه ولا ابرز سرا إلا وجعل فيه مفتاح علمه فهو نسخة مختصرة من العالم ا. هـ.
ولهذا المعنى أشار بعضهم بقوله
أتحسب أنك جرم صغير … وفيك انطوى العالم الأكبر
وبهذا الاعتبار فهو أفضل حتى من الملك لا فرق في ذلك بين ذات مؤمنة وكافرة إلى هذا الإشارة بقوله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} وأما تفضيله باعتبار عظم الدرجة وزيادة القربة فعند المحققين أن الخواص من الآدميين وهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أفضل حتى من خواص الملائكة وسيأتي التصريح بذلك عن الإبريز في مبحث الاجتهاد والتقليد عند قوله تعالى {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} … إلخ، وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} وحمل المحققون كثير على الجميع ولذلك نظائر في اللغة.
[6] تفسير القرآن العظيم ت سلامة (5/ 97 م: دار طيبة للنشر والتوزيع) أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا (70)}.
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَشْرِيفِهِ لِبَنِي آدَمَ، وَتَكْرِيمِهِ إِيَّاهُمْ، فِي خَلْقِهِ لَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْهَيْئَاتِ وَأَكْمَلِهَا (4) كَمَا قَالَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التِّينِ: 4] أَيْ: يَمْشِي قَائِمًا مُنْتَصِبًا عَلَى رِجْلَيْهِ، وَيَأْكُلُ بِيَدَيْهِ -وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ وَيَأْكُلُ بِفَمِهِ -وَجَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَفُؤَادًا، يَفْقَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ، وَيَعْرِفُ مَنَافِعَهَا وَخَوَاصَّهَا وَمَضَارَّهَا فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ.
https://archive.org/stream/TafseerIbnKathirenglish114SurahsComplete/017Isra#page/n153
تفسير القرآن العظيم ت سلامة (8/ 435 م: دار طيبة للنشر والتوزيع) أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
وَقَوْلُهُ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} هَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَشَكْلٍ مُنْتَصِبَ الْقَامَةِ، سَويّ الْأَعْضَاءِ حَسَنَهَا.
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} أَيْ: إِلَى النَّارِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ. ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْحُسْنِ وَالنَّضَارَةِ مَصِيرُهُ إِلَى النَّارِ إِنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ وَيَتَّبِعِ الرُّسُلَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} أَيْ: إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ. رُوي هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ -حَتَّى قَالَ عِكْرِمَةُ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ لَمْ يُرَدّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ. وَاخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ. وَلَوْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَمَا حَسُن اسْتِثْنَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الهَرَم قَدْ يصيبُ بَعْضَهُمْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا ذَكَرْنَاهُ، كَقَوْلِهِ: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الْعَصْرِ: 1 -3] .
وَقَوْلُهُ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أَيْ: غَيْرُ مَقْطُوعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ.
تفسير القرطبي (20/ 114 م: دار الكتب المصرية – القاهرة) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)
[سورة التين (95): الآيات 4 الى 5]
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5)
الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ وَذُرِّيَّتِهِ. فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَهُوَ اعْتِدَالُهُ وَاسْتِوَاءُ شَبَابِهِ، كَذَا قَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ. وَهُوَ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ، لأنه خلق كل شي منكبا عل وَجْهِهِ، وَخَلَقَهُ هُوَ مُسْتَوِيًا، وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ، وئد وَأَصَابِعُ يَقْبِضُ بِهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَاهِرٍ: مُزَيَّنًا بِالْعَقْلِ، مُؤَدِّيًا لِلْأَمْرِ، مَهْدِيًّا بِالتَّمْيِيزِ، مَدِيدَ الْقَامَةِ، يَتَنَاوَلُ مَأْكُولَهُ بِيَدِهِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ:” لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلْقٌ أَحْسَنُ مِنَ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ حَيًّا عَالِمًا، قَادِرًا مَرِيدًا مُتَكَلِّمًا، سَمِيعًا بَصِيرًا، مُدَبِّرًا حَكِيمًا. وَهَذِهِ صِفَاتُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَعَنْهَا عَبَّرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَوَقَعَ الْبَيَانُ بِقَوْلِهِ: [إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ [يَعْنِي عَلَى صِفَاتِهِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ] عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ [وَمِنْ أَيْنَ تَكُونُ لِلرَّحْمَنِ صُورَةٌ مُتَشَخِّصَةٌ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعَانِيَ”…
أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (5/ 31 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (المتوفى: 370هـ)
قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى الْجِنْسِ وَفِيهِمْ الْكَافِرُ الْمُهَانُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَرَّمَهُمْ بِالْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ وَعَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ الْمُكَرَّمِ بِالنِّعْمَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي الصِّفَةِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِمْ مَنْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَجْرَى الصِّفَةَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ كَقَوْلِهِ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ لِمَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ أَجْرَى الصِّفَةَ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
تفسير السمرقندي = بحر العلوم (2/ 321) أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)
ثم قال تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بعقولهم. وقال الضحاك: كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بالعقل والتمييز. ويقال: إن الله تعالى خلق نبات الأرض والأشجار وجعل فيها، لأنه ينمو ويزداد بنفسه ما دام فيه الروح، فإذا يبس خرج منه وانقطع نماؤه وزيادته. وخلق الدواب وجعل لهن زيادة روح تطلب بها رزقها، وتسمع منه الصوت. وخلق بني آدم وجعل لهم زيادة روح، يعقلون بها ويميزون ويعلمون. وخلق الأنبياء وجعل لهم زيادة روح، يبصرون بها الملائكة ويأخذون بها الوحي ويعرفون أمر الآخرة.
تفسير الماوردي = النكت والعيون (3/ 258-257 م: دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان) أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)
قوله تعالى: {ولقد كَرّمنا بني آدم…} فيه سبعة أوجه:
أحدها: يعني كرمناهم بإنعامنا عليهم.
الثاني: كرمناهم بأن جعلنا لهم عقولاً وتمييزاً.
الثالث: بأن جعلنا منهم خير أمة أخرجت للناس.
الرابع: بأن يأكلوا ما يتناولونه من الطعام والشراب بأيديهم , وغيرهم يتناوله بفمه , قاله الكلبي ومقاتل.
الخامس: كرمناهم بالأمر والنهي.
السادس: كرمناهم بالكلام والخط.
السابع: كرمناهم بأن سخّرنا جميع الخلق لهم.
… {وفضلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً} فيه أربعة أوجه: أحدها: بالغلبة والاستيلاء. الثاني: بالثواب والجزاء. الثالث: بالحفظ والتمييز. الرابع: بإصابة الفراسة.
تفسير البغوي – إحياء التراث (3/ 145 م: دار إحياء التراث العربي -بيروت) محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ،
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ بِالْأَيْدِي وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ يَأْكُلُ بِفِيهِ مِنَ الْأَرْضِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أنه قال: بالعقل [الذي يميز به بين الحسن والقبح].
وَقَالَ الضَّحَاكُ: بِالنُّطْقِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: بِتَعْدِيلِ الْقَامَةِ وَامْتِدَادِهَا، وَالدَّوَابُّ مُنْكَبَّةٌ عَلَى وُجُوهِهَا.
وَقِيلَ: بِحُسْنِ الصُّورَةِ.
وَقِيلَ: الرِّجَالُ بِاللِّحَى وَالنِّسَاءُ بِالذَّوَائِبِ.
وَقِيلَ: بِأَنْ سَخَّرَ لَهُمْ سَائِرَ الْأَشْيَاءِ.
وَقِيلَ: بِأَنَّ مِنْهُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ…
تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل (3/ 262 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى: 685هـ)
وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (70)
وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بحسن الصورة والمزاج الأعدل واعتدال القامة والتمييز بالعقل والإِفهام بالنطق والإِشارة والخط والتهدي، أو أسباب المعاش والمعاد والتسلط على ما في الأرض والتمكن من الصناعات وانسياق الأسباب والمسببات العلوية والسفلية إلى ما يعود عليهم بالمنافع إلى غير ذلك مما يقف الحصر دون إحصائه ومن ذلك ما ذكره ابن عباس وهو أن كل حيوان يتناول طعامه بفيه إلا الإنسان فإنه يرفعه إليه بيده وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ على الدواب والسفن من حملته حملا إذا جعلت له ما يركبه أو حملناهم فيهما حتى لم تخسف بهم الأرض ولم يغرقهم الماء وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ المستلذات مما يحصل بفعلهم وبغير فعلهم. وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا بالغلبة والاستيلاء أو بالشرف والكرامة، والمستثنى جنس الملائكة عليهم الصلاة والسلام أو الخواص منهم، ولا يلزم من عدم تفضيل الجنس عدم تفضيل بعض أفراده والمسألة موضع نظر، وقد أول الكثير بالكل وفيه تعسف.
تفسير الجلالين (ص: 374 م: دار الحديث – القاهرة) جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ)
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا} فَضَّلْنَا {بَنِي آدَم} بِالْعِلْمِ وَالنُّطْق وَاعْتِدَال الْخَلْق وَغَيْر ذَلِكَ وَمِنْهُ طَهَارَتهمْ بَعْد الْمَوْت {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ} عَلَى الدَّوَابّ {وَالْبَحْر} على السفن {ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا} كَالْبَهَائِمِ وَالْوُحُوش {تَفْضِيلًا} فَمَنْ بِمَعْنَى مَا أَوْ عَلَى بَابهَا وَتَشْمَل الْمَلَائِكَة وَالْمُرَاد تَفْضِيل الْجِنْس وَلَا يَلْزَم تَفْضِيل أَفْرَاده إذْ هُمْ أَفْضَل مِنْ الْبَشَر غَيْر الْأَنْبِيَاء.
التفسير القرآني للقرآن (8/ 525-524 م: دار الفكر العربي – القاهرة) عبد الكريم يونس الخطيب (المتوفى: بعد 1390هـ)
قوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا» .
هو استعراض عام لنعم الله على الناس جميعا.. أبناء آدم.. فقد كرمهم الله سبحانه وتعالى بهذه الصورة التي خلقهم عليها، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، كما يقول سبحانه: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» (4: التين) وكما يقول جلّ شأنه: «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ» (6- 8: الانفطار) .
ومع هذا التكريم فى الخلق، فقد سخر الله للناس ما فى البرّ والبحر، وأفاض عليهم من الخيرات والنعم، وأقامهم على هذه الأرض، وجعلهم خلفاءه عليها.. وهذا كلّه من شأنه أن يدعو الإنسان إلى الولاء لله، وإفراده سبحانه بالحمد والثناء!
وفى قوله تعالى: «وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا» – ما يسأل عنه وهو: ما منزلة الإنسان بين المخلوقات؟ وما المخلوقات التي فضّل عليها؟
وما المخلوقات التي فضّلت عليه؟
صريح منطوق الآية يدل على أمرين:
أولهما: أن الإنسان فضّل على كثير من المخلوقات التي بثّها الله سبحانه وتعالى فى هذا الوجود كلّه.
وثانيهما: أن هناك مخلوقات لا يفضلها الإنسان، وهى إما أن تكون مساوية له فى الفضل، أو هى أفضل منه.
والذي لا شك فيه، هو أن الإنسان فى أصل خلقته، أفضل المخلوقات التي تعيش معه على هذا الكوكب الأرضىّ، ولهذا جعله الله خليفته فى هذه الأرض.. كما يقول سبحانه وتعالى: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» ولكن هذه الخلقة المهيأة لأن تكون بمقام الخلافة لله تعالى على الأرض، لا يتحقق لها هذا، حتّى تحقق هى ذاتيتها، وتخرج القوى الكامنة فيها، وتفجّر الطاقات المندسّة فى كيانها.. كالنواة التي تضمّ فى كيانها عناصر شجرة عظيمة، أو نخلة باسقة.. تظلّ هكذا شيئا ضئيلا ميتا، حتى تندسّ فى صدر الثّرى، ثم تتفاعل معه، وتخرج خبأها بعد جهد وصراع.
أما الإنسان الذي لا يعمل على الانتفاع بما أودع الله فيه من قوى، فسيظل كتلة باردة من لحم ودم، لا يرتفع كثيرا عن مستوى أدنى الحيوانات وأحطها منزلة.. والله سبحانه وتعالى يقول: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» (4- 6: التين).
هذا هو مقام الإنسان فى العالم الأرضى.. إنه سيد المخلوقات كلها فى هذا العالم، مادام محتفظا بإنسانيته، عاملا على الارتقاء بوجوده.. أما المخلوقات التي فى غير هذا العالم الأرضى، فلا شأن للإنسان بها، كما أنها لا شأن لها بالإنسان، ومن ثمّ فالمفاضلة بينه وبينها شىء غير وارد، وغير منظور إليه.. إذ لا تعامل بين الإنسان وبين تلك المخلوقات!
[7] {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7]
شرح العقائد النسفية (ص: 403 م: مكتبة البشرى كراتشي، باكستان) للعلّامة سعد الدين التفتازاني مسعود بن عمر (متوفي 712 – 793هـ)
(أفضلية رُسل البشر من رسل الملائكة):
ورُسل البشر أفضل من رسل الملائكة، ورُسل الملائكة أفضل من عامة البشر، وعامة البشر أفضل من عامة الملائكة…
تفسير السمرقندي = بحر العلوم (2/ 321) أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)
وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا، يعني: على الجن والشياطين والبهائم. وروي عن ابن عباس أنه قال: «فضلوا على الخلائق كلهم غير طائفة من الملائكة: جبريل وميكاييل وإسرافيل وأشباههم منهم»، وروي عن أبي هريرة أنه قال: «المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده»
تفسير البغوي – إحياء التراث (3/ 145 م: دار إحياء التراث العربي -بيروت) محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)
وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ فَضَّلَهُمْ على كثير من خلقه لَا عَلَى الْكُلِّ.
وَقَالَ قَوْمٌ: فُضِّلُوا عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ إِلَّا عَلَى الْمَلَائِكَةِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فُضِّلُوا عَلَى الْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ إِلَّا عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمَلَكِ الْمَوْتِ، وَأَشْبَاهِهِمْ.
وَفِي تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ اخْتِلَافٌ:
فَقَالَ قَوْمٌ: فُضِّلُوا عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَعَلَى الْمَلَائِكَةِ كُلِّهِمْ، وَقَدْ يُوضَعُ الْأَكْثَرُ مَوْضِعَ الْكُلِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ [الشعراء: 221]، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ [الشُّعَرَاءِ: 223] أَيْ: كُلُّهُمْ. «1307» وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبُّ خَلَقْتَهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَنْكِحُونَ فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةَ، فَقَالَ تَعَالَى: «لَا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِي وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ: كُنْ فَكَانَ».
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامَّ الْمَلَائِكَةِ، وَخَوَاصُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصَّ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [الْبَيِّنَةِ: 7]، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: المؤمن من أفضل وأكرم عَلَى اللَّهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ عنده.
الحق المبين في معرفة الملائكة المقربين (ص: 120 م: مطبعة السلام، ميت غمر – مص) محمد علي محمد إمام
س: أيهما أفضل البشر أم الملائكة؟
جـ: عندما تكلم العلماء في هذه المسألة نجد منهم من فضل الملائكة ومنهم من فضل بني آدم ، ولكن الذي يتأمل في قوله تعالي: {وَلَقَدْ كَرّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطّيّبَاتِ وَفَضّلْنَاهُمْ عَلَىَ كَثِيرٍ مّمّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} يري أن الله عز وجل فضل بني آدم علي كثير من المخلوقات، وليس كل المخلوقات، فلو قال: ” علي من خلقنا ” لكان بني آدم أفضل من جميع الخلق فلذا لا نستطيع أن نقول أن هناك من البشر من هو أفضل من جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام إلا النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – فهو أفضل الخلق أجمعين بإجماع علماء الأمة، وقد وردت الآثار في تفضيله – صلى الله عليه وسلم – فعن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: إن الله تعالي فضل محمداً علي أهل السماء وعلي الأنبياء، قالوا: ما فضله علي أهل السماء؟ قال: أن الله قال لأهل السماء {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّيَ إِلهٌ مّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ} (1) وقال لمحمد: {إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مّبِيناً * لّيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخّرَ وَيُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مّسْتَقِيماً} (2) رواه الطبراني وأبو يعلي…
أما سائر البشر فمنهم من هو أفضل من بعض ملائكة الله عز وجل، ومن الملائكة من هو أفضل من بعض بني آدم، فقد جاء في الحديث عن أبى هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” المؤمن أكرم علي الله من بعض ملائكته ” رواه ابن ماجة. (1)
__________
(1) مشكاة المصابيح – كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق 3/ 1597.
[8] معارف القران بالإنجلیزية (جلد: 5 ص: 525-523 مکتبة: دار العلوم کراچی) حضرت مولانا مفتی محمد شفيع صاحب رحمة الله عليه مفتئ اعظم پاکستان
Hadhrat Maulana Mufti Muhammad Shafi (Rahmatullahi ‘Alaihi) states:
Allah Ta’āla has blessed the children of Adam above other creation with:
- The beauty of form and features. (حسن صورت)
- The balance of body. (اعتدال جسم)
- The balance of temperament. (اعتدال مزاج)
- The balance of height and built. (اعتدال قد و قامت)
- Their عقل (intelligence) and شعور (Decency/Wisdom).
Further he mentioned:
The most definite superiority of human beings over other creations is knowledge and wisdom
(عقل و شعور) through which human beings recognize their Creator and Master, find out what He likes and dislikes (مرضی اور نا مرضی) and do what He likes and avoid what He dislikes.
Common animals have desires but no intelligence. The angels have knowledge and wisdom, but do not have desires. Human beings have both. They have knowledge and wisdom as well as desires. This is the reason why, when a human being suppresses his desires through عقل (intelligence) and شعور (Decency/Wisdom) and succeeds in saving himself from indulging in things disliked by Allah Ta’āla, he reaches a station which is even higher than that of many angels.