Assalamu alaikum. I read your answer to question number 28894 on offering tahiyyatul masjid prayer after juma khutbah has started. Your answer may be a possible explanation for the instruction given to Sulaik RA. However, one brother shared another hadith from Sahih Muslim, in which the hukm at the end is not only for Sualik, but for all:
“..يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا – ثُمَّ قَالَ – إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا ….”
In the view of above hadith, it appears that the hukm was not khas for Sulaik, but for all the Muslims. Please guide? Jazakumullahu khairan
In the Name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful.
As-salāmu ‘alaikum wa-rahmatullāhi wa-barakātuh.
Jazakallahu Khaira for your interesting question.
According to the Hanafi and Maliki Mazhab (School of Thought), it is not permissible to engage in anything when the Imam delivers his Khutbah (sermon). [1]
This is understood from the following Ayah and Ahadith:
1) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.
Translation: When the Quraan is recited, then listen attentively to it and remain silent so that mercy may be shown to you. (Surah Al-A’raaf, Ayat #: 204). [2]
2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ: أَنْصِتْ، فَقَدْ لَغَوْتَ.
Translation: Abu Hurairah reports that the Prophet Sallallahu ‘Alaihi Wa Sallam said: If, during the Jumu’ah while the imam is delivering khutbah, you tell your companion to be quiet, then you have spoken needlessly. (Saheeh Al-Bukhari, Hadith #: 934). [3]
3) عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى
Translation: It is narrated from Salman al-Farsi Radhiallahu Ta’ala ‘Anhu that the Messenger of Allah Sallallahu ‘Alaihi Wa Sallam said: A person who performs the ritual bath [ghusl] on Friday, attains as much purity as he can, applies oil or some scent found in the house; then departs for the masjid and does not force two people apart [to sit between them]; and performs as much prayer as Allah has willed for him, and then maintains silence while the imam speaks, will have all his sins from the present Friday to the next forgiven. (Sahih al-Bukhari, Hadith #: 883). [4]
4) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فدنا واستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا»
Translation: Abu Hurairh narrated that: Rasulullah Sallallahu ‘Alaihi Wa Sallam said: Whoever performs Wudu, performing his Wudu well, then he comes to the Friday (prayer), and he gets close, listens attentively and sits silently, then whatever (sin) was between that and (the last) Friday are forgiven for him, in addition to three days. And whoever touches the pebbles, he has committed Laghw (useless activity). (Sunan Al-Tirmidhi, Hadith #: 498). [5]
5) كَانَ نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيُّ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يُؤْذِي أَحَدًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْإِمَامَ خَرَجَ، صَلَّى مَا بَدَا لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ خَرَجَ، جَلَسَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ جُمُعَتَهُ وَكَلَامَهُ،
Translation: Sayiddina Nubaisha Al-Hathali narrated that Rasulullah Sallallahu ‘Alaihi Wa Sallam stated: “When a Muslim performs ghusl [ritual bath] on Friday, approaches the masjid without inconveniencing anybody; and if he finds that the imam has nor yet appeared, he engrosses himself in prayer for as long as possible; and if he finds the imam present, he sits silently and listens attentively until the imam completes the Friday prayer.” (Musnad Ahmed, Hadith #: 20721). [6]
According to the Shafi’ and Hambali Mazhab (School of Thought), it is permissible for a person to perform tahiyyatul masjid during the Khutbah (sermon).
Their opinion is based on the hadith you refer to which is reproduce here:
عن جابر بن عبد الله، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: «يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما» ثم قال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما»
Translation: Hadhrat Jabir Radhiallahu Ta’ala ‘Anhu narrated he said: Sulaik Al-Ghatafani entered the masjid on Friday while the Prophet Sallallahu ‘Alaihi Wa Sallam was delivering the sermon (khutbah). Then he (Sulaik) sat down. He (the Holy Prophet) said to him: 0 Sulaik! Stand up and pray two rak’ah and make them short, and then (Rasulullah Sallallahu ‘Alaihi Wa Sallam) said: When any one of you comes to the masjid on Friday, while the Imam is delivering the sermon (khutbah), he should pray two rak’ah and should make them short. (Saheeh Muslim, Hadith#: 875). [7] [8] [9]
We are Muqallid (followers) of the Hanafi School of thought. Every Muqallid is bound to follow the rulings of his Mazhab while he respects the rulings of the other Mazaahib. [10]
We do not have the necessary skills to go directly to Ahadith and derive rulings of Sharia’h. We rely on the explanation and rulings of the Imam of the mazhab who was a Mujtahid and we follow his rulings. Likewise, every Muqallid should trust and follow the rulings of his Imam.
Please refer to the following links 1, 2 & 3 for more details on importance of following one Mazhab.
And Allah Ta’āla Knows Best
Rabiul Islam
Student Darul Iftaa
Detroit, Michigan, USA
Checked and Approved by,
Mufti Ebrahim Desai.
[1] الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (1/ 350 م: إدارة القرآن والعلوم الإسلامية – كراتشي) أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (المتوفى: 189هـ)
كتاب الصَّلَاة. بَاب صَلَاة الْجُمُعَة:
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خطب يَوْم الْجُمُعَة هَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَكَلَّم بِشَيْء من كَلَام النَّاس أومن حَدِيثهمْ قَالَ لَا قلت فَإِن فعل هَذَا هَل يقطع ذَلِك خطبَته قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن خطب الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة هَل يَنْبَغِي لمن مَعَ الإِمَام أَن يتكلموا قَالَ لَا قلت أفتكره أَن يذكرُوا الله تَعَالَى إِذا ذكره الإِمَام ويصلوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى عَلَيْهِ الإِمَام قَالَ أحب إِلَيّ أَن يستمعوا وينصتوا قلت فَهَل يشمتون الْعَاطِس ويردون السَّلَام قَالَ أحب إِلَيّ أَن يستمعوا وينصتوا…
المبسوط للسرخسي (2/ 28 م: دار المعرفة – بيروت) محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (المتوفى: 483هـ)
كتاب الصلاة. باب صلاة الجمعة. شروط الجمعة:
(قال) ولا ينبغي للقوم أن يتكلموا والإمام يخطب لقوله تعالى {فاستمعوا له وأنصتوا} [الأعراف: 204] الآية ولأنه في الخطبة يخاطبهم بالوعظ فإذا اشتغلوا بالكلام لم يفد وعظه إياهم شيئا وفي حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من قال لصاحبه والإمام يخطب: انصت فقد لغا ومن لغا فلا صلاة له»…
(قال): الإمام إذا خرج فخروجه يقطع الصلاة حتى يكره افتتاحها بعد خروج الإمام وينبغي لمن كان فيها أن يفرغ منها يعني يسلم على رأس الركعتين لحديث ابن مسعود وابن عباس – رضي الله تعالى عنهم – موقوفا عليهما ومرفوعا «إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام» وقال عقبة بن عامر – رضي الله تعالى عنهما -: الصلاة في حالة الخطبة خطيئة ولأن الاستماع واجب والصلاة تشغله عنه ولا يجوز الاشتغال بالتطوع وترك الواجب
وقال الشافعي – رضي الله تعالى عنه -: يأتي بالسنة وتحية المسجد إذا دخل والإمام يخطب لحديث «سليك الغطفاني أنه دخل المسجد ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخطب فجلس فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ فقال: لا فقال: قم فاركعهما» ودخل أبو الدرداء المسجد ومروان يخطب فركع ركعتين ثم قال: لا أتركهما بعد ما سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول فيهما ما قال.
وتأويل حديث سليك أنه كان قبل وجوب الاستماع ونزول قوله {وإذا قرئ القرآن} [الأعراف: 204] وقيل لما دخل وعليه هيئة رثة ترك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الخطبة لأجله وانتظره حتى قام وصلى ركعتين والمراد أن يرى الناس سوء حاله فيواسوه بشيء وفي زماننا الخطيب لا يترك الخطبة لأجل الداخل فلا يشتغل هو بالصلاة
وقال أبو حنيفة – رضي الله عنه -: يكره الكلام بعد خروج الإمام قبل أن يأخذ في الخطبة وبعد الفراغ من الخطبة قبل الاشتغال بالصلاة كما تكره الصلاة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تكره الصلاة في هذين الوقتين ولا يكره الكلام لما جاء في الحديث «خروج الإمام يقطع الصلاة» وكلامه يقطع الكلام ولأن الصلاة تمتد وربما لا يمكنه قطعها حين يأخذ الإمام في الخطبة والكلام يمكن قطعه متى شاء والنهي عنه لوجوب استماع الخطبة فيقتصر على حالة الخطبة وأبو حنيفة – رضي الله عنه – استدل بما روي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الناس الأول فالأول الحديث إلى أن قال: فإذا خرج الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر» وإنما يطوون الصحف إذا طوى الناس الكلام وأما إذا كانوا يتكلمون فهم يكتبونه عليهم قال الله تعالى {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18] ولأن الإمام إذا صعد المنبر ليخطب فكان مستعدا لها فيجعل كالشارع فيها من وجه ألا ترى أن في كراهة الصلاة جعل الاستعداد لها كالشروع فيها فكذلك في كراهة الكلام ووجوب الإنصات غير مقصور على حال تشاغله بالخطبة حتى يكره الكلام في حالة الجلسة بين الخطبتين…
الهداية في شرح بداية المبتدي (1/ 84 م: دار احياء التراث العربي – بيروت – لبنان) علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني، أبو الحسن برهان الدين (المتوفى: 593هـ))
كتاب الصلاة. باب صلاة الجمعة.
وإذا خرج الإمام يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته ” قال رضي الله عنه وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا بأس بالكلام إذا خرج الإمام قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع ولا استماع هنا بخلاف الصلاة لأنها قد تمتد ولأبي حنيفة رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام ” إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام من غير فصل ” ولأن الكلام قد يمتد طبعا فأشبه الصلاة “
البناية شرح الهداية (3/ 88-84 م: دار الكتب العلمية – بيروت، لبنان) أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ)
•———————————•
(وإذا خرج الإمام يوم الجمعة) ش: يعني إذا خرج من منزله أو من بيت الخطابة لأجل الخطبة، ويقال: المراد بخروجه صعوده على المنبر. م: (ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته) ش: وبه قال مالك، وقيد بالكلام لأن الصلاة في هذين الوقتين تكره بالإجماع أي صلاة التطوع.
م: (قال – رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي قال “المصنف”: إذا خرج الإمام، إلى هنا من كلام القدوري، وأشار “المصنف” بأن هذا قول أبي حنيفة، وقال. م: (وهذا) ش: القول. م: (عند أبي حنيفة – رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي وهذا الذي ذكره من كراهة الصلاة والكلام وقت خروج الإمام عند أبي حنيفة – رَحِمَهُ اللَّهُ – واختلفوا على قوله، فقال بعضهم: يكره كلام الناس، أما التسبيح وأشباهه فلا يكره.
وقال بعضهم: يكره ذلك، والأول أصح…
(ولأبي حنيفة – رَحِمَهُ اللَّهُ – قوله- عَلَيْهِ السَّلَامُ – «إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام» ش: لم يتعرض أحد من الشراح لحال هذا الحديث غير أن الأترازي قال: روى خواهر زاده في “مبسوطه” عن عبد الله بن عمر – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قال: «إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام».”
قلت: هذا غريب مرفوعا، ولهذا قال البيهقي: رفعه وَهْمٌ فاحش، إنما هو من كلام الزهري، رواه مالك في ” الموطأ ” عن الزهري، قال: خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام، وعن مالك رواه محمد بن الحسن في “موطئه”.
وأخرج ابن أبي شيبة في “مصنفه” عن علي وابن عباس وابن عمر – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ – أنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام. وأخرج عن عروة قال: إذا قعد الإمام على المنبر فلا صلاة. وعن الزهري قال في الرجل يجيء يوم الجمعة والإمام يخطب يجلس ولا يصلي…
فإن قلت: يشكل على مسألة الصلاة حديث سليك الغطفاني، أخرجه الأئمة الستة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله «أن رجلا جاء يوم الجمعة والنبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يخطب، فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: صل ركعتين وتجوز فيهما، وزاد فيه مسلم وقال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب فليركع ركعتين، ويتجوز فيهما، وزاد فيه ابن حبان في “صحيحه “، وقال له: لا تعذر لمثل ذلك» قال ابن حبان: يريد الإبطاء لا الصلاة، بدليل أنه جاز في الجمعة الثانية نحوه، فأمره بركعتين مثلهما.
قلت: أجيب عنه بأجوبة:
أحدهما: أن حديث سليك هذا محمول على ما قبل النهي عن الكلام في الخطبة، وكان الكلام مباحا في الصلاة والخطبة أيضا.
والثاني: أنه – عَلَيْهِ السَّلَامُ – كان إماما وخطيبا، فلا بأس له أن يتكلم، لأنه يخطب والخطبة من أولها إلى آخرها كلام.
الثالث: أنه كان قبل الأمر بالاستماع والإنصات المأمورين.
الرابع: يحتمل أنه كان أمره بذلك بعد قطع الخطبة لإرادة تعليمه الناس كيف يفعلون إذا دخلوا المسجد، ثم استأنف خطبته بعد ذلك.
فإن قلت: روى أنس – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنه كان إذا نزل عن المنبر يسأل الناس عن حوائجهم وعن أسعار السوق ثم يصلي» وعن عمر وعثمان – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أنهما كانا إذا صعدا المنبر يسألان الناس عن أسعار السوق.
قلت: حديث أنس كان في ابتداء الإسلام حين كان الكلام مباحا في الصلاة، وأما حديث عمر وعثمان – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – فمعارض بحديث ابن عمر وابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنفه”: حدثنا نمير عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس وابن عمر أنهما كانا يكرهان الكلام والصلاة يوم الجمعة بعد خروج الإمام، وقال ابن عبد البر: كان ابن عباس وابن عمر يكرهان الكلام والصلاة بعد خروج الإمام، ولا مخالف لهما.
فإن قلت: جاء في الحديث أن الدعاء يستجاب وقت الإقامة في يوم الجمعة، فكيف يسكت عند أبي حنيفة – رَحِمَهُ اللَّهُ -. قلت: يقرأ الدعاء بقلبه لا بلسانه، ثم إذا اشتغل الإمام بالخطبة ينبغي للمستمع أن يجتنب بما يجتنب في الصلاة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] [الأعراف، الآية: 204] وقوله – عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت» وهذا الحديث رواه أبو هريرة وأخرجه عنه الأئمة الستة ما خلا الترمذي…
[2] Many commentators of the Quran are of the opinion that this verse refers to the period of the Jumu’ah Khutbah and Salaat.
تفسير السمرقندي = بحر العلوم (1/ 578) أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)
وروى قتادة عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قال في الصلاة. وروى مغيرة عن إبراهيم مثله، وسئل ابن عباس- رضي الله عنهما- عن قوله: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ هذا لكل قارئ؟ قال: لا، ولكن هذا في الصلاة المفروضة. وقال أبو هريرة- رضي الله عنه- مثله. وقال مجاهد: وجب الإنصات في موضعين في الصلاة والإمام يقرأ، وفي الجمعة والإمام يخطب. وعن مجاهد أنه قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم. وقال عطاء والحسن إن هذا في الصلاة والخطبة.
الهداية الى بلوغ النهاية (4/ 2701 م: مجموعة بحوث الكتاب والسنة – كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة الشارقة) أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)
قال المسيب بن رافع عن ابن مسعود: ذَلِكَ في الصَّلاَةِ، وكان بعضنا يُسَلِّمُ على بعض في الصلاة، فجاء القرآن: {وَإِذَا قُرِىءَ القرآن فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ}. وقاله أبو هريرة.
وقال الزهري: نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كانوا يقرأون مع النبي، صلى الله عليه وسلم، كلما قرأ، فنهوا عن ذلك، وأُمروا بالإنصات.
وكذلك قال النخعي، وابن شهاب، والحسن: إنه أمر في الصلاة. وهو قول: مجاهد وابن المسيب، وقتادة، والضحاك، والشعبي وعطاء وغيرهم.
والخطبة من الصلاة: فَالإِنْصَاتُ لَهَا وَاجِبٌ.
تفسير البغوي – إحياء التراث (2/ 263 م: دار إحياء التراث العربي -بيروت) محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)
اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ…
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: إِنَّ الْآيَةَ فِي الْخُطْبَةِ، أُمِرُوا بِالْإِنْصَاتِ لِخُطْبَةِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هَذَا فِي الْإِنْصَاتِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِيمَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْإِنْصَاتُ لِقَوْلِ كُلِّ وَاعِظٍ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَاهَا، وَهُوَ أَنَّهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَالْجُمُعَةُ وَجَبَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ حَالَةَ مَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ.
«964» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ثَنَا الرَّبِيعُ ثَنَا الشَّافِعِيُّ ثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَدْ لَغَوْتَ».
تفسير ابن كثير ت سلامة (3/ 538 م: دار طيبة للنشر والتوزيع) أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي حُرَّةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} قَالَ: فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَكَذَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ هُشَيْم، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: فِي الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الذِّكْرِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ بَقِيَّة: سَمِعْتُ ثَابِتَ بْنَ عَجْلَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} قَالَ: الْإِنْصَاتُ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِيمَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ [الْإِنْصَاتُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْخُطْبَةِ؛ لِمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ] خَلْفَ الْإِمَامِ وَحَالَ الْخُطْبَةِ.
تفسير الجلالين (ص: 226 م: دار الحديث – القاهرة) جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ)
وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)
{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} عَنْ الْكَلَام {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} نَزَلَتْ فِي تَرْك الْكَلَام فِي الْخُطْبَة وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْقُرْآنِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ وَقِيلَ فِي قِرَاءَة الْقُرْآن مُطْلَقًا
[3] صحيح البخاري (2/ 13 م: دار طوق النجاة)
11 – كِتَابُ الجُمُعَةِ. بَابُ الإِنْصَاتِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ:
934 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ “
__________
[تعليق مصطفى البغا]
892 (1/316) -[ ش أخرجه مسلم في الجمعة باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة رقم 851. (لغوت) تركت الأدب وسقط ثواب جمعتك].
In this narration, the preaching towards good, which is a deed of virtue, has been referred to as vain and advised against. The prayer for entering the Masjid is a preferable Nawafil. When that which is compulsory has been advised against during the Khutbah then the Nawafil will be even less emphasised.
[4] صحيح البخاري (2/ 3 م: دار طوق النجاة)
11 – كِتَابُ الجُمُعَةِ. بَابُ الدُّهْنِ لِلْجُمُعَةِ:
883 – حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ، عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ [ص:4] دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»
__________
[تعليق مصطفى البغا]
843 (1/301) -[ ش (ما استطاع من طهر) ما أمكنه من تنظيف كقص الظفر والشارب وحلق العانة وغير ذلك. (يمس من طيب بيته) يتطيب من طيب زوجته. (ما كتب له) ما قدر له من فرض أو نفل]
[868]
[5] سنن الترمذي ت بشار (1/ 628 م: دار الغرب الإسلامي – بيروت) محمد بن عيسى، أبو عيسى الترمذي (المتوفى: 279هـ)
4 – أَبْوَابُ الْجُمُعَةِ. 357 – بَابٌ فِي الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ:
498 – حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الجُمُعَةَ، فَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى فَقَدْ لَغَا.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[6] مسند أحمد مخرجا (34/ 321 م: مؤسسة الرسالة) أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)
أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ. حَدِيثُ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ:
20721 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: كَانَ نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيُّ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يُؤْذِي أَحَدًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْإِمَامَ خَرَجَ، صَلَّى مَا بَدَا لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ خَرَجَ، جَلَسَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ جُمُعَتَهُ وَكَلَامَهُ، إِنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي جُمُعَتِهِ تِلْكَ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا، أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةً لِلْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا»
In this Hadith, it is clearly stated that prayer is permissible until the time when the Imam enters for delivering the Khutbah.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/ 171 م: مكتبة القدسي، القاهرة) أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (المتوفى: 807هـ)
4 – كِتَابُ الصَّلَاةِ. بَابُ حُقُوقِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْغُسْلِ وَالطِّيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ:
3038 – عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: “«مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ فَيَرْكَعُ إِنْ بَدَا لَهُ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يُصَلِّيَ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى»”. وَفِي رِوَايَةٍ: ” «ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ» “. رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
3039 – وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لَبِسَ مَنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ طِيبًا إِنْ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ مَشَى إِلَى الْجُمُعَةِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَلَمْ يَتَخَطَّ أَحَدًا وَلَمْ يُؤْذِهِ وَرَكَعَ مَا قُضِيَ لَهُ، ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» “.
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ حَرْبِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَرْبٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
3040 – وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: كَانَ نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُؤْذِي أَحَدًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْإِمَامَ خَرَجَ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ خَرَجَ جَلَسَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ جَمُعَتَهُ وَكَلَامَهُ، إِنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي جَمُعَتِهِ تِلْكَ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا أَنْ يَكُونَ كَفَّارَةً لِلْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا» “. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ خَلَا شَيْخَ أَحْمَدَ وَهُوَ ثِقَةٌ.
3041 – وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ” «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ وَدَنَا وَابْتَكَرَ فَاقْتَرَبَ وَاسْتَمَعَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا قِيَامُ سَنَةٍ وَصِيَامُهَا» “. قُلْتُ: لَهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ حَدِيثَانِ غَيْرُ هَذَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
3042 – وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ” «إِذَا تَطَهَّرَ الرَّجُلُ فَأَحْسَنَ الطَّهُورَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَلْغُ وَلَمْ يَجْهَلْ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَفِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَالْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَ بَيْنَهُنَّ» “. قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ…
صحيح مسلم (2/ 587 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)
7 – كتاب الجمعة. 7 – باب فضل التهجير يوم الجمعة:
24 – (850) وحدثني أبو الطاهر، وحرملة، وعمرو بن سواد العامري، قال أبو الطاهر: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني أبو عبد الله الأغر، أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم الجمعة، كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة».
سنن الترمذي ت بشار (1/ 624 م: دار الغرب الإسلامي – بيروت) محمد بن عيسى، أبو عيسى الترمذي (المتوفى: 279هـ)
4 – أَبْوَابُ الْجُمُعَةِ. 356 – بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ:
496 – حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَبِي جَنَابٍ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا.
سنن النسائي (3/ 102 م: مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (المتوفى: 303هـ))
14 – كِتَابُ الْجُمْعَةِ. بَابُ الْفَضْلِ فِي الدُّنُوِّ مِنَ الْإِمَامِ:
1398 – أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَابْتَكَرَ وَغَدَا، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ وَأَنْصَتَ، ثُمَّ لَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ كَأَجْرِ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا»
__________
[حكم الألباني] صحيح
1403 – أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ الْقَرْثَعِ الضَّبِّيِّ، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْأَوَّلِينَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا أُمِرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ وَيُنْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ»
__________
[حكم الألباني] صحيح
[7] صحيح مسلم (2/ 597 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)
7 – كتاب الجمعة. 14 – باب التحية والإمام يخطب:
59 – (875) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعلي بن خشرم، كلاهما عن عيسى بن يونس، قال ابن خشرم: أخبرنا عيسى، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: «يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما» ثم قال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما»
[8] شرح النووي على مسلم (6/ 165-162 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
[875] قَوْلُهُ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَارْكَعْ وَفِي رِوَايَةٍ قُمْ فَصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا قَالَ ارْكَعْ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ خَرَجَ الْإِمَامُ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَجَلَسَ فَقَالَ يَا سُلَيْكُ قُمْ وَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي الدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْجَامِعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَجَوَّزَ فِيهِمَا لِيَسْمَعَ بَعْدَهُمَا الْخُطْبَةَ وَحُكِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا يُصَلِّيهِمَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَحُجَّتُهُمُ الْأَمْرُ بِالْإِنْصَاتِ لِلْإِمَامِ وَتَأَوَّلُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِيَامِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ يَرُدُّهُ صَرِيحُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا وَهَذَا نَصٌّ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ تَأْوِيلٌ وَلَا أَظُنُّ عَالِمًا يَبْلُغُهُ هَذَا اللَّفْظُ صَحِيحًا فَيُخَالِفُهُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَيْضًا جَوَازُ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ لِحَاجَةٍ وَفِيهَا جَوَازُهُ لِلْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ وَفِيهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِرْشَادُ إِلَى الْمَصَالِحِ فِي كُلِّ حَالٍ وَمَوْطِنٍ وَفِيهَا أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ وَأَنَّ نَوَافِلَ النَّهَارِ رَكْعَتَانِ وَأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فِي حَقِّ جَاهِلِ حُكْمِهَا وَقَدْ أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا فَوَاتَهَا بِالْجُلُوسِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَالِمِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَتَدَارَكُهَا عَلَى قُرْبٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تُتْرَكُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ تُبَاحُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيَلْحَقُ بِهَا كُلُّ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ كَقَضَاءِ الفائتة وَنَحْوِهَا لِأَنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ فِي حَالٍ لَكَانَ هَذَا الْحَالُ أَوْلَى بِهَا فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ فَلَمَّا تُرِكَ لَهَا اسْتِمَاعُ الْخُطْبَةِ وَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا الْخُطْبَةَ وَأَمَرَهُ بِهَا بَعْدَ أَنْ قَعَدَ وَكَانَ هَذَا الْجَالِسُ جَاهِلًا حُكْمَهَا دَلَّ عَلَى تَأَكُّدِهَا وَأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِحَالٍ وَلَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 333 م: مطبعة السنة المحمدية) ابن دقيق العيد هو الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري الشافعي (توفي سنة 703ه)
كِتَابُ الصَّلَاةِ. بَابُ الْجُمُعَةِ:
136 – الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَقَالَ: صَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. وَفِي رِوَايَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» .
•———————————•
[حَدِيثُ صَلَّيْتَ يَا فُلَانُ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ]
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ: هَلْ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّهُ يَرْكَعُ، لِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ، مِمَّا هُوَ أَصْرَحُ مِنْهُ. وَهُوَ قَوْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ” إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلِيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا “. وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْكَعُهُمَا، لِوُجُوبِ الِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِمَاعِ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» قَالُوا: فَإِذَا مُنِعَ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ – مَعَ كَوْنِهَا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ – فَلَأَنْ يُمْنَعَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ – مَعَ كَوْنِهِمَا مَسْنُونَتَيْنِ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ – أَوْلَى. وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ يَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ اعْتِذَارَاتٍ، فِي بَعْضِهَا ضَعْفٌ. وَمِنْ مَشْهُورِهَا: أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِهَذَا الرَّجُلِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ – عَلَى مَا وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى. وَإِنَّمَا خُصَّ بِذَلِكَ عَلَى مَا أَشَارُوا إلَيْهِ – لِأَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا. فَأُرِيدَ قِيَامُهُ لِتَسْتَشْرِفَهُ الْعُيُونُ وَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ. وَرُبَّمَا يَتَأَيَّدُ هَذَا بِأَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَمَرَهُ بِأَنْ يَقُومَ لِلرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ جُلُوسِهِ. وَقَدْ قَالُوا: إنَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ التَّخْصِيصَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ: ثُمَّ يَبْعُدُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ مَعَ صِيغَةِ الْعُمُومِ، وَهُوَ قَوْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ» فَهَذَا تَعْمِيمٌ يُزِيلَ تَوَهُّمَ الْخُصُوصِ بِهَذَا الرَّجُلِ. وَقَدْ تَأَوَّلُوا هَذَا الْعُمُومَ أَيْضًا بِتَأْوِيلٍ مُسْتَكْرَهٍ. وَأَقْوَى مِنْ هَذَا الْعُذْرِ مَا وَرَدَ ” أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَكَتَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ ” فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَانِعُ مِنْ عَدَمِ الرُّكُوعِ مُنْتَفِيًا. فَثَبَتَ الرُّكُوعُ. وَعَلَى هَذَا أَيْضًا تُرَدُّ الصِّيغَةُ الَّتِي فِيهَا الْعُمُومُ.
[9] بذل المجهود في حل سنن أبي داود (5/ 164 م: مركز الشيخ أبي الحسن الندوي للبحوث والدراسات الإسلامية، الهند) الشيخ خليل أحمد السهارنفوري (المتوفى: 1346 هـ)
(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ. (239) بَابٌ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ:
قال النووي: وتأولوا هذه الأحاديث أنه كان عريانًا، فأمره النبي – صلى الله عليه وسلم – بالقيام، ليراه الناس ويتصدقوا عليه، وهذا تأويل باطل، يرده صريح قوله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما” وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه.
قال العيني في “شرح البخاري”: قلت: أصحابنا لم يأولوا الأحاديث المذكورة بهذا الذي ذكره، حتى يشنع عليهم هذا التشنيع،
بل أجابوا بأجوبة غير هذا.
الأول: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنصت له حتى فرغ من صلاته، والدليل عليه ما رواه الدارقطني في “سننه” (1) من حديث عبيد بن محمد بسنده عن أنس وفيه: “وأنصت عن الخطبة حتى فرغ من صلاته”، فإن قلت: قال الدارقطني: أسنده عبيد بن محمد ووهم فيه؟ قلت: ثم أخرجه عن أحمد بن حنبل، وفيه قال: “قم فصل، ثم انتظره، حتى صلَّى“، قال: وهذا المرسل هو الصواب، قلت: المرسل حجة عندنا، ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة بسنده عن محمد بن قيس أن النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث أمره أن يصلي ركعتين، أمسك عن الخطبة، حتى فرغ من ركعتيه، ثم عاد إلى خطبته.
الجواب الثاني: أن ذلك كان قبل شروعه – صلى الله عليه وسلم – في الخطبة، وقد بوب النسائي في “سننه الكبرى” على حديث سليك، قال: “باب الصلاة قبل الخطبة” ثم أخرج عن أبي الزبير عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – قاعد على المنبر، فقعد سليك قبل أن يصلي، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركعهما.
الثالث: أن ذلك كان منه قبل أن ينسخ الكلام في الصلاة، ثم لما نسخ في الصلاة نسخ في الخطبة, لأنها شرط الصلاة أو شطرها.
وقال الطحاوي: ولقد تواترت الروايات عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأن من قال لصاحبه: أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغا، فإذا كان قول الرجل لصاحبه والإمام يخطب: أنصت، لغوًا، كان قول الإِمام للرجل: قم، صل، لغوًا أيضًا، فثبت بذلك أن الوقت الذي كان فيه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأمر لسليك بما أمره به، إنما كان قبل النهي، وكان الحكم فيه في ذلك بخلاف الحكم في الوقت الذي جعل مثل ذلك لغوًا.
وقال ابن شهاب: خروج الإِمام يقطع الصلاة،
وقال ثعلبة بن أبي مالك: كان عمر -رضي الله تعالى عنه – إذا خرج للخطبة أَنْصَتْنَا،
وقال عياض: كان أبو بكر وعمر وعثمان يمنعون من الصلاة عند الخطبة.
وقال ابن العربي: الصلاة حين ذاك حرام من ثلاثة أوجه:
الأول: قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}، فكيف يترك الفرض الذي شرع الإِمام فيه إذا دخل عليه فيه ويشتغل بغير فرض.
الثاني: صح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “إذا قلت لصاحبك: أنصت، فقد لغوت“، فإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأصلان المفروضان الركنان في المسألة يحرمان في حال الخطبة، فالنفل أولى أن يحرم،
الثالث: لو دخل، والإمام في الصلاة لم يركع، والخطبة صلاة إذ يحرم فيها من الكلام والعمل ما يحرم في الصلاة.
وأما حديث سليك فلا يعترض على هذه الأصول من أربعة أوجه:
الأول: هو خبر واحد،
والثاني: يحتمل أنه كان في وقت كان الكلام مباحًا في الصلاة, لأنا لا نعلم تاريخه، فكان مباحًا في الخطبة، فلما حرم في الخطبة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الذي هو آكد فرضية من الاستماع، فأولى أن يحرم ما ليس بفرض،
والثالث: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كلم سليكا، وقال له: قم، فصل، فلما كلمه وأمره سقط عنه فرض الاستماع، إذ لم يكن هناك قول في ذلك الوقت إلَّا مخاطبته له وسؤاله وأمره،
الرابع: أن سليكًا كان ذا بذاذة، فأراد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يشهره، ليرى حاله، وعند ابن بزيزة كان سليك عريانًا، فأراد النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يراه الناس.
…وفي “اللباب”: وروى علي بن عاصم عن خالد الحذاء: أن أبا قلابة جاء يوم الجمعة، والإمام يخطب، فجلس ولم يصل،
وعن عقبة بن عامر قال: الصلاة والإمام على المنبر معصية،
وفي “كتاب الأسرار”: لنا ما روى الشعبي عن ابن عمر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “إذا صعد الإِمام المنبر، فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ“، والصحيح من الرواية: “إذا جاء أحدكم، والإمام على المنبر، فلا صلاة ولا كلام”.
وقد تصدى بعضهم (أي الحافظ ابن حجر في شرح “البخاري”) لرد ما ذكر من الاحتجاج في منع الصلاة، والإمام يخطب يوم الجمعة، فقال: جميع ما ذكروه مردود، ثم قال: لأن الأصل عدم الخصوصية، قلنا: نعم، إذا لم تكن قرينة، وهنا قرينة على الخصوصية، وذلك في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه النسائي عنه يقول: جاء رجل يوم الجمعة والنبي – صلى الله عليه وسلم – يخطب بهيئة بَذَّةٍ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أصليت؟ ” قال: لا، قال: “صل ركعتين”، وحث الناس على الصدقة، قال: فألقوا ثيابًا، فأعطاه منها ثوبين، فلما كانت الجمعة الثانية جاء ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخطب، فحث الناس على الصدقة، قال: فألقى أحد ثوبيه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “جاء هذا يوم الجمعة بهيئة بذة، فأمرتُ الناس بالصدقة، فألقوا ثيابًا، فأمرت له منها بثوبين، ثم جاء الآن، فأمرت الناس بالصدقة، فألقى أحدهما، فانتهره وقال: خذ ثوبك”، انتهى.
وكان مراده بأمره إياه بصلاة ركعتين أن يراه الناس ليتصدقوا عليه, لأنه كان في ثوب خلق، وقد قيل: إنه كان عريانًا، كما ذكرناه، إذ لو كان مراده إقامة السنَّة بهذه الصلاة لما قال في حديث أبي هريرة: “إن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: إذا قلت لصاحبك: أنصت والإمام يخطب، فقد لغوت”، وهو حديث مجمع على صحته من غير خلاف لأحد فيه، حتى كاد أن يكون متواترًا، فإذا منعه من الأمر بالمعروف الذي هو فرض في هذه الحالة، فمنعه من إقامة السنَّة، أو الاستحباب بالطريق الأولى، فحينئذ قول هذا القائل: فدل على أن قصة التصدق عليه جزء علة لا علة كاملة، غير موجه, لأنه علة كاملة.
…وقال أيضًا في قولهم: “إنه – صلى الله عليه وسلم – لما خاطب سليكًا سكت عن خطبته حتى فرغ سليك من صلاته”، رواه الدارقطني بما حاصله أنه مرسل، والمرسل حجة عندهم، وقال أيضًا: فيما قاله ابن العربي من أنه – صلى الله عليه وسلم – لما تشاغل بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع عنه، إذ لم يكن منه حينئذ خطبة لأجل تلك المخاطبة، وادعى أنه أقوى الأجوبة، قال: هو من أضعف الأجوبة؛ لأن المخاطبة لما انقضت رجع – صلى الله عليه وسلم – إلى خطبته، وتشاغل سليك بامتثال ما أمر به من الصلاة، فصح أنه صلى في حالة الخطبة.
قلت: يرد ما قاله من قوله هذا ما في حديث أنس الذي رواه الدارقطني الذي ذكرنا عنه أنه قال: والصواب أنه مرسل، وفيه: “وأمسك -أي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الخطبة حتى فرغ من صلاته” يعني سليك، فكيف يقول هذا القائل: فصح أنه صلَّى في حال الخطبة، والعجب منه أنه يصحح الكلام الساقط؟.
وقال أيضًا: قيل: كانت هذه القضية قبل شروعه – صلى الله عليه وسلم – في الخطبة، ويدل عليه قوله في رواية الليث عند مسلم: “والنبي – صلى الله عليه وسلم – قاعد عند المنبر” وأجيب: بأن القعود على المنبر لا يختص بالابتداء، بل يحتمل أن يكون بين الخطبتين أيضًا.
قلت: الأصل ابتداء قعوده، وقعوده بين الخطبتين محتمل فلا يحكم به على الأصل، على أن أمره – صلى الله عليه وسلم – إياه بأن يصلي ركعتين وسؤاله إياه: هل صليت؟ وأمره للناس بالصدقة، يضيق عن القعود بين الخطبتين, لأن زمن [هذا] القعود لا يطول.
…وقال أيضًا: قيل: كانت هذه القضية قبل تحريم الكلام في الصلاة، ثم رده بقوله أن سليكًا متأخر الإِسلام جدًا، وتحريم الكلام متقدم جدًا، فكيف يدعي نسخ المتأخر بالمتقدم مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال؟.
قلت: لم يقل أحد إن قضية سليك كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، وإنما قال هذا القائل: إن قضية سليك كانت في حالة إباحة الأفعال في الخطبة قبل أن ينهى عنها، ألا يرى أن في حديث أبي سعيد الخدري: فألقى الناس ثيابهم، وقد أجمع المسلمون أن نزع الرجل ثوبه والإمام يخطب مكروه، وكذلك مس الحصى، وقول الرجل لصاحبه: أنصت، كل ذلك مكروه، فدل ذلك أن ما أمر به – صلى الله عليه وسلم – سليكًا، وما أمر به الناس بالصدقة عليه كان في حال إباحة الأفعال في الخطبة. ولما أمر – صلى الله عليه وسلم – بالإنصات عند الخطبة وجعل حكم الخطبة كحكم الصلاة، وجعل الكلام فيها لغوًا كما كان، جعله لغوًا في الصلاة، ثبت بذلك أن الصلاة فيها مكروهة، فهذا وجه قول القائل بالنسخ، ومبنى كلامه هذا على هذا الوجه لا على تحريم الكلام في الصلاة.
وقال هذا القائل أيضًا: قيل: اتفقوا على أن منع الصلاة في الأوقات المكروهة يستوي فيه من كان داخل المسجد أو خارجه، وقد اتفقوا على أن من كان داخل المسجد يمتنع عليه التنفل حال الخطبة، فيكون الآتي كذلك، قاله الطحاوي.
وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد، قلت: لم يبن الطحاوي كلامه ابتداء على القياس حتى يكون ما قاله قياسًا في مقابلة النص، وتحرير كلام الطحاوي أنه روى أحاديث عن سليمان وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأوس بن أوس -رضي الله تعالى عنهم- كلها تأمر بالإنصات إذا خطب الإِمام، فتدل كلها أن موضع كلام الإِمام ليس بموضع للصلاة، فبالنظر إلى ذلك يستوي الداخل والآتي، ومع هذا الذي قاله الطحاوي وافقه عليه الماوَرْدِي وغيره من الشافعي.
… قال في “البدائع”: وأما محظورات الخطبة فمنها: أنه يكره الكلام حالة الخطبة، وكذا قراءة القرآن وكذا الصلاة، ثم قال: وكذا كل ما شغل عن سماع الخطبة من التسبيح والتهليل والكتابة ونحوها، بل يجب عليه أن يستمع ويسكت.
وقال في “المبسوط”: الإِمام إذا خرج فخروجه يقطع الصلاة، حتى يكره افتتاحها بعد خروج الإِمام، ثم قال: ولأن الاستماع واجب، والصلاة تشغله عنه، ولا يجوز الاشتغال بالتطوع وترك الواجب، انتهى.
وقال في “الدر المختار”: إذا خرج الإِمام من الحجرة إن كان، وإلَّا فقيامه للصعود فلا صلاة ولا كلام إلى تمامها، قال الشامي: قوله: فلا صلاة شمل السنَّة وتحية المسجد “بحر” , قال محشية الرملي: أي فلا صلاة جائزة , وتقدم في شرح قوله: ومنع عن الصلاة وسجدة التلاوة … إلخ. أن صلاة النفل صحيحة مكروهة حتى يجب قضاؤه إذا قطعه , ويجب قطعه , وقضاؤه في غير وقت مكروه في ظاهر الرواية, ولو أتمه خرج من عهدة ما لزمه بالشروع , فالمراد الحرمة لا عدم الانعقاد, انتهى.
ثم قال العلامة العيني: وقال هذا القائل أيضًا: هذة الأجوبة التي قدمناها تندفع من أصلها بعموم قوله – صلى الله عليه وسلم – في حديث أبي قتادة: “إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين”, قلت: قد أجبنا عن هذا بأنه عام مخصوص, وقال النووي: هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ, ويعتده صحيحًا فيخالفه, قلت: فرق بين التأويل والتخصيص, ولم يقل أحد من المانعين عن الصلاة والإمام يخطب: إنه مؤول بل قالوا: إنه مخصوص.
طرح التثريب في شرح التقريب (3/ 183 م: الطبعة المصرية القديمة – وصورتها دور عدة منها (دار إحياء التراث العربي، ومؤسسة التاريخ العربي، ودار الفكر العربي)) أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي (المتوفى: 806هـ)
كِتَابُ الصَّلَاةِ. بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. حَدِيث دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ:
ثُمَّ إنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي التَّحِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اقْتَصَرَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي نَاقِلًا لَهُ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ حَرَامٌ إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ.
الْقَائِلُونَ بِسُقُوطِ التَّحِيَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُحْتَاجُونَ إلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَعْدَ أَنْ اسْتَدَلَّ عَلَى التَّحْرِيمِ بِثَلَاثَةِ أَدِلَّةٍ:
(أَحَدُهَا) قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] قَالَ فَكَيْفَ يَتْرُكُ الْفَرْضَ الَّذِي شَرَعَ الْإِمَامُ فِيهِ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَشْتَغِلُ بِغَيْرِ فَرْضٍ.
(الثَّانِي) قَالَ صَحَّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْت» فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ الْأَصْلَانِ الْمَفْرُوضَانِ الرُّكْنَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ يَحْرُمَانِ فِي حَالَةِ الْخُطْبَةِ فَالنَّفَلُ أَوْلَى أَنْ يَحْرُمَ.
(الثَّالِثُ) قَالَ لَوْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَرْكَعْ، وَالْخُطْبَةُ صَلَاةٌ إذْ يَحْرُمُ فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ وَالْعَمَلِ مَا يَحْرُمُ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ فَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْكٍ فَلَا تُعَارَضُ بِهِ هَذِهِ الْأُصُولُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
(أَحَدهَا) أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ تُعَارِضُهُ أَخْبَارٌ أَقْوَى مِنْهُ وَأُصُولٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَالشَّرِيعَةِ فَوَجَبَ تَرْكُهُ.
(الثَّانِي) أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ كَانَ الْكَلَامُ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ تَارِيخُهُ فَكَانَ مُبَاحًا فِي الْخُطْبَةِ فَلَمَّا حَرُمَ فِي الْخُطْبَةِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ الَّذِي هُوَ آكَدُ فَرِيضَةٍ مِنْ الِاسْتِمَاعِ فَأَوْلَى أَنْ يَحْرُمَ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ.
(الثَّالِثُ) أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَلَّمَ سُلَيْكًا وَقَالَ لَهُ قُمْ فَصَلِّ فَلَمَّا كَلَّمَهُ وَأَمَرَهُ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الِاسْتِمَاعِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ قَوْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلَّا مُخَاطَبَتُهُ لَهُ وَسُؤَالُهُ وَأَمْرُهُ وَهَذَا أَقْوَى فِي الْبَابِ.
(الرَّابِعُ) أَنَّ سُلَيْكًا كَانَ ذَا بَذَّةٍ وَفَقْرٍ فَأَرَادَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ يُشْهِرَهُ لِيَرَى فَيُغَيِّرَ مِنْهُ
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 1046 م: دار الفكر، بيروت – لبنان) علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ)
(4) كِتَابُ الصَّلَاةِ. [45]- بَابُ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ:
1411 – (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلِيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
•———————————•
…قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – «إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ». قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَفْعُهُ غَرِيبٌ، وَالْمَعْرُوفُ كَوْنُهُ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ. قَالَ: خُرُوجُهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ: عَنْ عَلَيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، كَانُوا يَكْرَهُونَ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ. وَأَخْرَجَ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: إِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا صَلَاةَ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ: يَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فَيَجِبُ تَقْلِيدُهُ عِنْدَنَا إِذَا لَمْ يَنْفِهِ شَيْءٌ آخَرُ مِنَ السُّنَّةِ، وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَخْ، لَا يَنْفِي كَوْنَ الْمُرَادِ أَنْ يَرْكَعَ مَعَ سُكُوتِ الْخَطِيبِ ; لِمَا ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَكَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ انْتَهَى.
وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ: أَنَّهُ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – كَرَّرَ أَمْرَهُ لَهُ بِالصَّلَاةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فِي ثَلَاثِ جُمَعٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ كَانَ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ مِنْ طُرُقٍ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ فِي الْجُمُعَةِ الْأُولَى ثَوْبَيْنِ، فَدَخَلَ بِهِمَا فِي الثَّانِيَةِ فَتَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا فِيهَا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ انْتَهَى. فَيَكُونُ الْحُكْمُ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ ; لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَنْعِ لَا يُجِيزُونَ ذَلِكَ لِعِلَّةِ التَّصَدُّقِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 500 م: إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء – الجامعة السلفية – بنارس الهند) أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري (المتوفى: 1414هـ)
(4) كتاب الصلاة. (45) باب الخطبة والصلاة. الفصل الأول:
والحديث حجة على مالك وأبي حنيفة في منع الداخل عن صلاة التحية في أثناء الخطبة، وقد أجاب من تبعهما عن هذا الحديث بأجوبة: منها المعارضة بقوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} [7: 204] وبقوله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت، والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغوت، قالوا فإذا امتنع الأمر بالمعروف، وهو أمر اللاغي بالإنصات مع قصر زمنه، فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، وبقوله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب للذي دخل يتخطى رقاب الناس: اجلس، فقد آذيت. أخرجه أبوداود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وغيره من حديث عبد الله بن بسر، قالوا: فأمره بالجلوس، ولم يأمره بالتحية. وروى الطبراني من حديث ابن عمر رفعه إذا دخل أحدكم، والإمام على المنبر، فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام. والجواب عن ذلك كله أن المعارضة التي تؤول إلى إسقاط أحد الدليلين إنما يعمل بها عند تعذر الجمع، والجمع ههنا ممكن. أما الآية فليست الخطبة كلها قرآناً. وأما ما فيها من القرآن فالجواب عنه كالجواب عن الحديث، وهو تخصيص عمومه بالداخل. وأيضاً فمصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت لحديث أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول فيه؟ فأطلق على القول سراً السكوت. وأما حديث ابن بُسر فهو أيضاً واقعة عين لا عموم فيها، فيحتمل أن يكون ترك أمره بالتحية قبل مشروعيتها. ويحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون قوله: “اجلس” أي بشرطه، وقد عرف قوله للداخل. فلا تجلس حتى تصلي ركعتين. فمعنى قوله: “اجلس” أي لا تتخط، أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز فإنها ليست واجبة، أو لكون دخوله وقع في أواخر الخطبة بحيث ضاق الوقت عن التحية، وقد اتفقوا على استثناء هذه الصورة. ويحتمل أن يكون صلى التحية في مؤخر المسجد، ثم تقدم ليقرب من سماع الخطبة فوقع منه التخطي فأنكر عليه. والجواب عن حديث ابن عمر بأنه ضعيف فيه أيوب بن نهيك، وهو منكر الحديث، قاله أبوزرعة وأبوحاتم. والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله كذا في الفتح. قال بعض الحنفية. حديث جابر مبيح للصلاة، وحديث الإنصات محرم لها، فاجتمع المبيح والمحرم فترجح-انتهى. وفيه أن الترجيح للمحرم إنما يكون إذا لم يمكن الجمع، والجمع ههنا ممكن، كما تقدم. وقال الأمير اليماني: هذا أمر الشارع، وهذا أمر الشارع، فلا تعارض بين أمريه، بل القاعد ينصت، والداخل يركع التحية. وقال الشوكاني: حديث الإنصات وارد في المنع من المكالمة للغير، ولا مكالمة في الصلاة، ولو سلم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام في الصلاة لكان عموماً مخصصاً بأحاديث الباب. وقال السندي: لا دليل على المنع من الركعتين عند الحنفية إلا حديث: إذا قلت لصاحبك أنصت. الخ. وذلك؛ لأن الأمر بالمعروف أعلى من تحية المسجد، فإذا منع منه منها بالأولى. وفيه بحث أما أولاً فلأنه استدلال بالدلالة أو القياس في مقابلة النص، فلا يسمع. وأما ثانياً فلأن المضي في الصلاة لمن شرع فيها قبل الخطبة جائز، بخلاف المضي في الأمر بالمعروف لمن شرع فيه قبل. فكما لا يصح قياس الصلاة على الأمر بالمعروف بقاء لا يصح ابتداء-انتهى. ومنها أن حديث جابر هذا أصله قصة سليك الغطفاني جعله الراوي قولاً كلياً وتشريعاً عاماً وضابطة من جانب نفسه، فهو إدراج من الراوي.
[10] أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (3/ 177 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (المتوفى: 370هـ)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ أُولِي الْأَمْرِ فَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ أَنَّهُمْ أولوا الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ أُمَرَاءُ السَّرَايَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا مُرَادِينَ بِالْآيَةِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمْ جَمِيعًا
الهداية الى بلوغ النهاية (2/ 1369 م: مجموعة بحوث الكتاب والسنة – كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة الشارقة) أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)
قوله: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله. . .} الآية.
أي: دوموا على طاعته {وَأَطِيعُواْ الرسول} في سنته، وما أتاكم به {وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ} أي: ولاة أموركم، وهم الأمراء، قال ذلك أبو هريرة، وابن عباس وغيرهما.
وقيل: هم أصحاب السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال زيد بن زيد أسلم: هم السلاطين.
وقال جابر بن عبد الله ” هم أهل العلم والفقه والخير، قاله مجاهد وقتادة، وأبو العالية، وروي عن ابن عباس مثله وقاله عطاء،
تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل (2/ 80 م: دار إحياء التراث العربي – بيروت) ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى: 685هـ)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ يريد بهم أمراء المسلمين في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبعده، ويندرج فيهم الخلفاء والقضاة وأمراء السرية. أمر الناس بطاعتهم بعد ما أمرهم بالعدل تنبيهاً على أن وجوب طاعتهم ما داموا على الحق. وقيل علماء الشرع لقوله تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ. فَإِنْ تَنازَعْتُمْ أنتم وأولو الأمر منكم. فِي شَيْءٍ من أمور الدين، وهو يؤيد الوجه الأول إذ ليس للمقلد أن ينازع المجتهد في حكمه بخلاف المرؤوس إلا أن يقال الخطاب لأولي الأمر على طريقة الالتفات. فَرُدُّوهُ فراجعوا فيه. إِلَى اللَّهِ إلى كتابه. وَالرَّسُولِ بالسؤال عنه في زمانه، والمراجعة إلى سنته بعده.